Home > News
وزير الخارجية الصيني يلتقي بالصحافة لتناول السياسة الخارجية والعلاقات الخارجية للصين
2022-03-08 17:01

في يوم 7 مارس عام 2022، عقدت الدورة الـ5 للمجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب مؤتمرا صحفيا افتراضيا في قاعة الشعب الكبرى، حيث أجاب مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي يجيب على أسئلة الصحفيين الصينيين والأجانب حول سياسة الصين الخارجية وعلاقاتها الدولية.

مساء الخير أيها الأصدقاء الإعلاميين!

يسعدني أن ألتقي معكم مجددا. إن هذا العام عام جديد محفوف بالتحديات بالنسبة للعالم. اندلعت الأزمة الأوكرانية في الوقت الذي لم ننتصر فيه على جائحة فيروس كورونا المستجد بشكل نهائي، الأمر الذي يزيد من التعقيد والاضطراب للأوضاع الدولية التي كان يكتنفها عدم اليقين أصلا. في هذه اللحظة الحرجة، ما تحتاج إليه دول العالم هو التضامن و الحوار بدلا من الانقسام والمجابهة. ستواصل الصين باعتبارها دولة كبيرة مسؤولة، ترفع راية تعددية الأطراف عاليا، وتعمل مع كافة الدول المحبة للسلام والراغبة في التنمية يدا بيد على مواصلة تعزيز التضامن والتعاون لمواجهة التحديات المختلفة، وتواصل الدفع بإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتبذل جهودا لفتح مستقبل مشرق وجميل للعالم.

أنا مستعد للإجابة عن أسئلتكم.

CCTV: إن نجاح أولمبياد بيجينغ الشتوي يستحق الإعجاب خاصة في ظل الأوضاع الدولية الراهنة. يعتقد المعلقون الدوليون أن الصين اليوم أكثر ثقة بنفسها وقوة مما كانت عليه في أولمبياد بيجينغ الصيفي عام 2008. ما رأيكم في ذلك؟

ج: حقق أولمبياد بيجينغ الشتوي نجاحا كاملا بفضل الجهود المشتركة المبذولة من الصين والمجتمع الدولي، الأمر الذي قدم حدثا أولمبيا مبسطا وآمنا ورائعا للعالم، وأظهر للعالم صينا أكثر ثقة بنفسها وأكثر قوة ذاتية وأكثر انفتاحا وشمولية. وحضر مراسم الافتتاح حوالي 170 ممثلا رسميا من قرابة 70 دولة ومنظمة دولية، معربين من خلال حضورهم عن دعمهم للصين. بهذه المناسبة، أود أن أتقدم بخالص الشكر لجميع الأصدقاء من مختلف الدول الذين شاركوا ودعموا أولمبياد بيجينغ الشتوي.

إن نجاح أولمبياد بيجينغ الشتوي ليس نجاحا للصين فحسب، بل هو نجاح للعالم بأسره أيضا، وليس انتصارا للرياضة فحسب، بل هو انتصار للتضامن أيضا. تزامنت هذه الدورة للأولمبياد الشتوي مع تفشي فيروس أوميكرون وتصاعد القضايا الإقليمية الساخنة، وهي تعرضت في الوقت نفسه للتشويشات والتخريبات السياسية من فرادى الدول. لكن ما يشجعنا هو أن معظم الدول والشعوب اختارت التضامن وفقا للروح الأولمبية، مما ضخ أملا في قلوب الناس الذين يعانون من الجائحة، وجلب الثقة للعالم المضطرب.

يكافح رياضيو كافة الدول الآن بجد في ملعب البرالمبياد الشتوي. وأنا على ثقة بأن نور التضامن والتعاون الذي تم حشده أثناء الأولمبياد الشتوي سيخترق حتما الغيوم والعواصف ويضيء الطريق الذي تسير عليه البشرية يدا بيد نحو المستقبل.

رويتز: قد امتدت عمليات القوات الروسية في أوكرانيا إلى منشآت غير عسكرية. هل يستطيع الجانب الصيني بذل مزيد من الجهود لتسوية الصراع؟

ج: قد أوضح الجانب الصيني موقفه لعدة مرات من القضية الأوكرانية. ونحن دائما نصدر حكما ونوضح آراء بشكل مستقل وفقا لطبيعة الأمور مع التمسك بموقف عادل وموضوعي. الجليد السميك لم يشكل في يوم واحد. إن الأسباب وراء ما وصلت إليه الأوضاع الأوكرانية اليوم معقدة ومتشابكة. يجب التحلي بالهدوء والعقلانية في حل القضايا المعقدة، بدلا من صب الزيت على النار أو التصعيد. يرى الجانب الصيني أنه من أجل حل الأزمة الراهنة، من المطلوب التمسك بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة واحترام وضمان السيادة وسلامة الأراضي لجميع الدول، ومن المطلوب التمسك بمبدأ الأمن غير القابل للتجزئة ومراعاة الشواغل الأمنية المعقولة لأصحاب الشأن، ومن المطلوب التمسك بحل النزاعات سلميا عبر الحوار والتفاوض، ومن المطلوب إقامة آلية أمنية أوروبية متوازنة وفعالة ومستدامة مع وضع الأمن والأمان الدائمين للمنطقة في عين الاعتبار.

يجب على المجتمع الدولي الآن مواصلة مساعيه مع التركيز على نقطتين.

أولا، ضرورة بذل المساعي الحميدة ودفع المفاوضات. قد بذل الجانب الصيني جهودا في هذا الصدد، ويبقى على التواصل الوثيق مع مختلف الأطراف. في اليوم الثاني من الصراع، أكد الرئيس شي جينبينغ أثناء الاتصال الهاتفي الذي تلقاه من الرئيس بوتين على الرغبة في رؤية إطلاق مفارضات السلام بين الجانبين الروسي والأوكراني في أسرع وقت ممكن، وأبدى الرئيس بوتين استجابة إيجابية. وقد جرت جولتان من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، ونأمل أن تحقق الجولة الثالثة من المفاوضات التي ستطلق قريبا تقدما جديدا. يرى الجانب الصيني أنه كلما احتدمت الأوضاع، برزت ضرورة عدم التوقف عن المفاوضات، وكلما اشتدت الخلافات، ازداد إلحاح الجلوس على طاولة المفاوضات. يحرص الجانب الصيني على مواصلة لعب دور بناء في بذل المساعي الحميدة ودفع المفاوضات، كما أنه على استعداد للعمل سويا مع المجتمع الدولي على الوساطة اللازمة إذا اقتضت الضرورة.

ثانيا، يجب منع حدوث الأزمة الإنسانية على نطاق واسع. يحرص الجانب الصيني على طرح المبادرة ذات النقاط الست:

أولا، ضرورة اتخاذ الأعمال الإنسانية وفقا للمبدأ المتمثل في الحياد والعدالة، لمنع تسييس القضية الإنسانية.

ثانيا، متابعة أوضاع النازحين الأوكرانيين بشكل كامل، وتقديم المساعدة على إيوائهم بشكل ملائم.

ثالثا، حماية المدنيين بشكل عملي، وبذل جهود لمنع حدوث الكوارث الإنسانية الثانوية داخل الأراضي الأوكرانية.

رابعا، ضمان إجراء عمليات المساعدات الإنسانية على نحو سلس وآمن، بما فيها تأمين النفاذ السريع والآمن وبدون عوائق للإمدادات الإنسانية.

خامسا، ضمان سلامة الأجانب الموجودين في أوكرانيا والسماح لهم بمغادرتها بشكل آمن وتقديم مساعدة لهم للعودة إلى بلادهم.

سادسا، دعم الأمم المتحدة في لعب دورها التنسيقي بشأن تقديم المساعدات الإنسانية إلى أوكرانيا، ودعم أعمال منسق الأمم المتحدة بشأن الأزمة في أوكرانيا.

إن الجانب الصيني على استعداد لمواصلة بذل جهودها في تجاوز الأزمة الإنسانية. وستقدم جمعية الصليب الأحمر الصينية دفعة من المساعدات المادية الإنسانية العاجلة إلى أوكرانيا.

تلفزيون فينيكس: يشعر المجتمع الدولي بالقلق من تعرض العالم من جديد لمخاطر الاستقطاب والمواجهة ونشوب حرب باردة جديدة. كيف تنظرون إلى ذلك؟

ج: لا يزال عالم اليوم بعيدا عن الأمن والأمان، حيث تتضح وجوه التغيرات غير المسبوقة منذ مائة سنة أمامنا تدريجيا. تقوم فرادى الدول بإحياء عقلية الحرب الباردة وتصنع المواجهة بين المعسكرات للحفاظ على هيمنتها، مما يفاقم الاضطرابات والانقسامات، ويزيد من وطأة للعالم الذي تكتنفه المشاكل.

ماذا علينا أن نفعل؟ يؤمن الجانب الصيني بأن المخرج الصحيح يكمن في تعزيز الوحدة والتعاون تحت راية تعددية الأطراف والعمل سويا على الدفع بإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. كما أشار إليه الرئيس شي جينبينغ "في وجه الأمواج المتلاطمة من الأزمات العالمية، إن دول العالم لم تكن على متن أكثر من 190 قاربا صغيرا، بل تكون على متن سفينة كبيرة تشترك فيها في مصير واحد. القارب الصغير لا يتحمل الرياح والأمواج، بينما تستطيع السفينة العملاقة الصمود أمام الأمواج الهائجة."

إن الأولوية الأولى هي صيانة السلام. إن السلام شرط مسبق وأساس لكافة الأنواع من التنمية. علينا التمسك بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، ونبذ فكرة الانفراد بالأمن أو الأمن المطلق، والالتزام بمنع الصراعات عبر التفاوض وتسوية الخلافات عبر الحوار، وزيادة الثقة المتبادلة عبر التعاون، وبذل جهود مشتركة لبناء عالم يسوده السلام الدائم.

ثانيا، تعزيز الوحدة. إن التنوع يصنع روعة العالم، ويجب ألا تكون الاختلافات حججا للمواجهة. علينا الالتزام بتعددية الأطراف الحقيقية والدعوة إلى القيم المشتركة للبشرية جمعاء ورفض الهيمنة وسياسة القوة وسياسة التكتلات، والدفاع بحزم عن المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها وصيانة القواعد الأساسية للعلاقات الدولية التي تقوم على أساس ميثاق الأمم المتحدة، والعمل على الدفع بتطور منظومة الحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر إنصافا وعدالة.

ثالثا، التمسك بالانفتاح. إن العولمة الاقتصادية تمثل تيار العصر، إذ أنها لا تغير مسارها حسب إرادة الإنسان ولا تنقطع بسبب التنافس الجيوسياسي. علينا أن نرفض الحمائية والانعزالية بأشكالها المختلفة، ونحافظ بحزم على منظومة التجارة المتعددة الأطراف الحرة والعادلة وغير التمييزية، ونزيل حائطا عاليا يحيط بفناء صغير، ونعمل سويا على إنشاء سوق منفتحة.

رابعا، تعزيز التعاون. لا يمكن لأي دولة أن تكون في منأى أو مأمن في وجه التحديات العالمية. فلا بد لنا من التساند والتعاضد لتجاوز الصعوبات العابرة، وتعزيز التواصل والتنسيق بشأن مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد ومكافحة الإرهاب وتغير المناخ والأمن السيبراني وغير ذلك من القضايا العالمية، وذلك من أجل بلورة أكبر القواسم المشتركة ورسم أكبر دائرة متحدة المركز.

في العالم الذي يشهد الاضطرابات والتحولات، تمثّل الصين دوما الطاقة الإيجابية والمستقرة، وتقف الصين دوما مع الاتجاه الصحيح لتقدم التاريخ. وسنواصل وضع العالم ككل في اعتبارنا والوفاء بالتزاماتنا المطلوبة، ونقوم بإعلاء راية السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك بعزيمة ثابتة لا تتزعزع، وندفع بإقامة نمط جديد للعلاقات الدولية وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتتقدم مع كافة القوى التقدمية في العالم نحو التنمية والمستقبل المشترك.

قناة روسيا اليوم: كيف تؤثر الضغوط المتزايدة الناجمة عن العقوبات الجماعية التي تفرضها الدول الغربية على روسيا والصين على تطور العلاقات الروسية الصينية في المستقبل؟

ج: إن الصين وروسيا عضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي، ويعتبر كل منهما أهم جار وثيق وشريك استراتيجي للجانب الآخر. بما أن العلاقات الصينية الروسية من أكثر العلاقات الثنائية حسما في العالم، فإن التعاون الصيني الروسي لا يعود بالمصالح والخير على الشعبين فحسب، بل يخدم السلام والاستقرار والتنمية في العالم.

قام الجانبان بشكل مشترك في العام الماضي بإحياء الذكرى الـ20 للتوقيع على "اتفاقية حسن الجوار والصداقة والتعاون بين الصين وروسيا". في ظل البيئة الاستراتيجية الدولية التي تزداد تعقيدا، إن ما تحمله هذه الاتفاقية من مفهوم الصداقة المتوارثة عبر الأجيال والتعاون القائم على الكسب المشترك، يكتسب أهمية إيجابية وواقعية كبيرة كنموذج بالنسبة للجانبين الصيني والروسي، ولكافة دول العالم.

أود التأكيد على أن العلاقات الصينية الروسية تتمتع بطابع الاستقلالية، وهي تقوم على أساس عدم التحالف وعدم المجابهة وعدم استهداف طرف ثالث، وهي لا تتأثر بالتشويش وإيقاع الشقاق من طرف ثالث. وذلك يعد استخلاصا للدورس التاريخية وابتكارا للعلاقات الدولية. أصدر البلدان مؤخرا "البيان المشترك بشأن العلاقات الدولية والتنمية المستدامة العالمية في العصر الجديد"، الذي يؤكد بكل وضوح للعالم على رفضنا المشترك لإحياء عقلية الحرب الباردة، ورفض التحريض على المواجهة الإيديولوجية، والدعوة إلى دفع دمقرطة العلاقات الدولية وصيانة مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

يتمتع تطور العلاقات الصينية الروسية بمنطق تاريخي واضح وديناميكية داخلية قوية، وإن الصداقة بين شعبي البلدين متينة كصخر ولدى التعاون بين الجانبين أفق واعد. سيواصل الجانبان الصيني والروسي الحفاظ على المثابرة الاستراتيجية ودفع علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة في العصر الجديد إلى الأمام باستمرار مهما كانت خطورة الأوضاع الدولية.

وكالة أنباء شينخوا: قامت الصين بإجلاء دفعات عديدة من مواطنيها من أوكرانيا في الأيام الماضية. هل بإمكانكم تسليط الضوء على الأحوال ذات الصلة؟ 

ج: مع التصعيد المستمر للوضع الأوكراني المتوتر، تولي اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة اهتماما بالغا لسلامة كل مواطنينا في أوكرانيا. يهتم الأمين العام شي جينبينغ شخصيا بهذا الخصوص، وسأل عنه لعدة مرات، وطلب بذل قصارى الجهد لضمان سلامة المواطنين الصينيين. أطلقت وزارة الخارجية آلية الحماية القنصلية لمواجهة الطوارئ، مع البقاء على التواصل الدبلوماسي مع أوكرانيا وروسيا ودول الجوار، وأصدرت الإنذار المبكر والتنبيهات الأمنية لمواطنينا في أوكرانيا.

بعد أن شهدت الأوضاع الميدانية تغيرات مفاجئة، قمنا بتنظيم المواطنين في أوكرانيا لتجنب المخاطر بطرق آمنة وعاجلة، وقدمنا مساعدات للمواطنين الذين كانوا يواجهون صعوبات في حينها. في الوقت نفسه، انتهزنا نافذة الوقت التي ظهرت عند المعارك لتنظيم عملية طارئة لإجلاء الجالية الصينية. دخل الدبلوماسيون من سفارتنا لدى أوكرانيا وقنصليتنا العامة لدى أوديسا ميدان المعارك أكثر من مرة بهدف فتح ممر آمن لإجلاء المواطنين الصينيين. وتشتغل جميع السفارات الصينية لدى الدول المجاورة لأوكرانيا ليلا ونهارا وتسخر كافة طاقتها لنقل مواطنينا وإيوائهم. كما تنسق الجهات والحكومات المحلية الصينية بشكل وثيق، وتم إرسال عدة طائرات مستأجرة بشكل سريع إلى أوروبا لنقل المواطنين الذين خرجوا من أوكرانيا تدريجيا. 

قدمت الحكومة الأوكرانية والأوساط الاجتماعية الأوكرانية المساعدة الودية لنا أثناء تنظيم المواطنين للهروب من الصراع وإجلائهم، كما قدمت كل من روسيا ومولدوفا ورومانيا وبولندا وهنغاريا وسلوفاكيا وبيلاروسيا وغيرها من الدول دعما ثمينا لنا، الأمر الذي يجسد مشاعرها العميقة تجاه الشعب الصيني. يطيب لي أن أتقدم نيابة عن الجانب الصيني بخالص الشكر لحكومات تلك الدول وشعوبها.

أثناء عملية الإجلاء، تم تعبئة الجالية الصينية والطلاب الصينيين الوافدين والمؤسسات الصينية في أوكرانيا والدول المجاورة لها على نحو شامل، وهم يتبادلون الدعم عند الشدائد، الأمر الذي جسد مرة أخرى التقاليد الحميدة للشعب الصيني المتمثلة في تقاسم السراء والضراء، وأود أن أعرب عن المواساة المخلصة لمواطنينا.

لغاية اليوم، ما زال بعض المواطنين يبقون في أوكرانيا لسبب الأوضاع المحلية أو لأسباب شخصية، نهتم بهم طول الوقت ونبقى على الاتصال معهم دائما، لتوفير كافة المساعدات الممكنة وفقا لاحتياجاتهم.

إن العالم بعيد عن الأمن. قال أحد مستخدمي الإنترنت في تعليقه إننا لا نعيش في عالم يسوده السلام، لكن لحسن حظنا، لدينا وطن يسوده السلام. إن الدبلوماسية دائما تخدم الشعب. نحرص على إفادة كل مواطن في الخارج بخطواتنا الملموسة بأننا نقف بجانبك ويقف وطنك وراءك في أي وقت وفي أي مكان!

NBC: قد توصل الحزبان الديمقراطي والجمهوري الأمريكيان إلى التوافق بشأن ضرورة تعزيز المنافسة الشاملة مع الصين، هل تقلقون أن تشهد العلاقات الثنائية الصينية الأمريكية تدهورا متواصلا؟

ج: عقد الرئيس شي جينبينغ مع نظيره الأمريكي جو بايدن اجتماعا افتراضيا وأجرى معه مكالمتين هاتفيتين منذ العام الماضي، وقام الجانبان بالتواصل والحوار على عدد من المستويات. قد أكدت قيادة الولايات المتحدة وبعض كبار المسؤولين فيها تباعا على أن الجانب الأمريكي لا يسعى إلى "حرب باردة جديدة"، ولا يسعى إلى تغيير النظام للصين، ولا يسعى إلى معارضة الصين من خلال تقوية التحالفات، ولا يدعم استقلال تايوان، ولا ينوي المصارعة أو المواجهة مع الصين. لكن مع الأسف، ظلت هذه التأكيدات تطفو في الهواء ولم تطبّق على أرض الواقع حتى الآن. إن الحقيقة أمامنا هي أن الجانب الأمريكي لا يزال يسخر كافة طاقته لخوض "منافسة شرسة" وصفرية المحصلة مع الصين، ويواصل مهاجمة الصين وإثارة المشاكل بحقها في القضايا المتعلقة بمصالحها الجوهرية، ويقوم بتشكيل "دوائر ضيقة" بالتوالي على الصعيد الدولي لاحتواء الصين، الأمر الذي لا يضر بالوضع العام للعلاقات الثنائية فحسب، بل يشكل صدمات وأضرارا للسلام والاستقرار الدوليين أيضا. إن هذه التصرفات ليست ما من المفترض أن تقوم به دولة كبيرة مسؤولة، وليست عملا تقوم به دولة تحرص على مصداقيتها. إن الصين كدولة ذات سيادة مستقلة، لديها الحق الكامل أن تتخذ إجراءات لازمة للدفاع عن حقوقها ومصالحها العادلة بثبات.

يرى الجانب الصيني أن المنافسة بين الدول الكبرى لا تمثل عنوان العصر، وأن اللعبة الصفرية المحصلة ليست الخيار الصحيح. في عصر العولمة الذي يعتمد فيه الجميع على بعضهم البعض، يعتبر إيجاد الطريق الصحيح للتعامل فيما بين الصين والولايات المتحدة وهما دولتان كبيرتان، موضوعا لم يسبق له مثيل في المجتمع البشري، كما هو جاء بمثابة معادلة رياضية لا بد للبلدين من حلها بشكل مشترك.

يصادف هذا العام الذكرى الـ50 لإصدار "بيان شانغهاي". استعراضا للتاريخ، نجد أن الجانبين الصيني والأمريكي قاما باستبدال المواجهة بالتعاون مع التمسك بروح السعي إلى الآراء المشتركة وترك الخلافات جانبا، مما عاد بالخير على شعبي البلدين، وساهم في تدعيم السلام والازدهار في العالم. استشرافا للمستقبل، يجب على الجانبين إحياء غايتهما الأصلية لتذويب الجليد، والانطلاق من الجديد، واستبدال "قاعدة الأثلاث" المتمثلة في المنافسة والتعاون والمواجهة بـ"المبادئ الثلاثة" المتمثلة في الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المبني على الكسب المشترك، والدفع بإعادة السياسة الأمريكية تجاه الصين إلى المسار الصحيح العقلاني والعملي، وإعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى طريقها المستقيم للتطور السليم والمستقر.

EFE: هل تعتقد أن العلاقات الوثيقة بين الصين وروسيا والأزمة الأوكرانية ستؤثران على العلاقات بين الصين وأوروبا؟

ج: تعتبر الصين وأوروبا قوتين كبيرتين لحفظ السلام العالمي، وسوقين كبيرتين لتعزيز التنمية المشتركة، وحضارتين كبيرتين لتدعيم تقدم البشرية. وإن العلاقات الصينية الأوروبية لا تستهدف طرفا ثالثا، ولا تتبعه، ولا تتقيد به. سيوفر الحوار والتعاون بين الجانبين على أساس الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك مزيدا من عوامل الاستقرار على الأوضاع العالمية المضطربة.

حقق التعاون الصيني الأوروبي نتائج إيجابية في العام الماضي، وأكتفي هنا بمثالين. تجاوز حجم التبادل التجاري بين الصين والاتحاد الأوروبي عتبة 800 مليار دولار أمريكي لأول مرة، الأمر الذي يجسد بجلاء مدى التكامل للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وأوروبا. إلى جانب ذلك، بلغ عدد رحلات قطارات الشحن بين الصين وأوروبا في العام الماضي أكثر من 15 ألف رحلة، بزيادة 29% مما كان عليه في السنة الماضية، الأمر الذي لعب دورا إيجابيا في دفع التعاون الدولي لمكافحة الجائحة وضمان استقرار سلاسل الصناعات والإمدادات وتعزيز التعافي الاقتصادي العالمي.

غير أن بعض القوى لا تريد أن ترى التطور المستقر للعلاقات الصينية الأوروبية، فتقوم هذه القوى بفبركة ما يسمى بـ"التهديدات الصينية" وتضخيم المنافسة مع الصين وترويج "منافس نظامي"، حتى إثارة العقوبات والمواجهة. فيجب على الجانبين الصيني والأوروبي التحلي بكل الحذر من ذلك. مع صموده في العواصف والأمطار على مدى العقود الماضية، يتأصل التعاون الصيني الأوروبي في الأسس الشعبية المتينة والمصالح المشتركة الواسعة النطاق والمطالب الاستراتيجية المتشابهة، وهو يتمتع بالمرونة البالغة والإمكانيات الضخمة، وليست هناك قوة قادرة على تغيير طبيعة هذه العلاقات.

ينظر الجانب الصيني دائما إلى العلاقات الصينية الأوروبية من منظور استراتيجي وبعيد المدى، وهو ينتهج سياسة مستقرة وثابتة تجاه أوروبا، ولا تتغير هذه السياسة بسبب حدث من الأحداث وفي وقت من الأوقات. سنواصل دعم الاستقلالية للقارة الأوروبية ودعم الوحدة والازدهار للاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه، نأمل من أوروبا أن تشكل معرفة أكثر استقلالا وموضوعية تجاه الصين، وتنتهج سياسة عملية وإيجابية تجاه الصين، وترفض بشكل مشترك صنع "الحرب البادرة الجديدة" و وتصون وتطبق تعددية الأطراف الحقيقية بشكل مشترك.

في المرحلة القادمة، يجب على الجانبين الصيني والأوروبي العمل على إنجاح قمة الصين -- الاتحاد الأوروبي وغيرها من الأجندة السياسية الهامة، وتعزيز المواءمة الاستراتيجية، وتوسيع التعاون العملي، والدفع بالتنسيق متعدد الأطراف، وتعميق التبادل الثقافي والإنساني، وإدارة الخلافات والسيطرة عليها بشكل ملائم، وتضافر الجهود لتقديم مزيد من المساهمات الملموسة والإيجابية للعالم.

إذاعة الصين الدولية: كيف تنظر الصين إلى الأقوال حول تراجع زخم تطور "الحزام والطريق" بسبب الجائجة أو غيرها؟

ج: إن التعاون في بناء "الحزام والطريق" ما زال يحافظ على زخم جيد، رغم التداعيات الناتجة عن الجائحة وغيرها من العوامل. وفي العام الماضي:

يتقدم "الترابط المادي" للبنية التحتية في إطار "الحزام والطريق" بخطوات متزنة. تم إنجاز المشاريع الكبرى بنجاح مثل السكك الحديدية بين الصين ولاوس وميناء حيفا الجديد في إسرائيل، وتجري عملية التشييد والتشغيل بخطوات مطردة لمشاريع عدة مثل الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان والسكك الحديدية الفائقة السرعة بين جاكرتا وباندونغ وميناء بيرايوس والسكك الحديدية بين المجر وصربيا. وسجل عدد قطارات الشحن بين الصين وأوروبا وحجم شحناتها أرقاما قياسية جديدة، مما وفر قوة دافعة جبارة للتعافي الاقتصادي في كافة الدول.

يشهد "الترابط الناعم" للقواعد والمعايير في إطار "الحزام والطريق" نقاطا لافتة. وقعت 10 دول وثائق التعاون مع الصين بشأن "الحزام والطريق" في العام الماضي، حيث وصل عدد أعضاء الأسرة الكبيرة لبناء "الحزام والطريق" 180 دولة. واستضفنا بنجاح الاجتماع الرفيع المستوى حول التعاون الدولي لـ"الحزام والطريق" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ولاقى التعاون اللقاحي ومبادرة الشراكة للتنمية الخضراء في إطار "الحزام والطريق" دعما واسع النطاق.

يتعمق "الترابط الشعبي" لتبادل المساعدة في إطار "الحزام والطريق" بشكل مستمر. بذلنا قصارى الجهد لمساعدة الدول الأخرى على مكافحة الجائحة، وأجرينا تعاونا مع 20 شريكا من الدول النامية في الإنتاج المشترك للقاحات، ومعظمها الدول المشاركة في "الحزام والطريق". ويكون عدد كبير من" المشاريع الصغيرة ولكن النافعة "قيد التنفيذ بخطوات متزنة، مما ساعد شعوب الدول المشاركة على زيادة الدخل وتحسين المعيشة.

تشير تلك الحقائق بجلاء إلى أن دائرة الشراكة في بناء "الحزام والطريق" تتوسع باستمرار، وأساس التعاون يترسخ يوما بعد يوم، وأفق التعاون يصبح أرحب، الأمر الذي من شأنه أن يفتح أفقا جديدا للتنمية في العالم في العصر ما بعد الجائحة بالتأكيد.

في المرحلة القادمة، سنعمل مع المجتمع الدولي، وفقا للتوجيهات التي أصدرها الرئيس شي جينبينغ خلال الجلسة النقاشية الثالثة حول بناء "الحزام والطريق" في العام الماضي، على مواصلة الدفع ببناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، وبذل جهود لتحقيق أهداف تتمثل في مستوى أعلى للتعاون وجدوى أفضل للاستثمار وجودة أحسن للإمداد ومرونة أكثر للتنمية، بما يجعل "الحزام والطريق" "حزاما للتنمية" يخدم العالم، و"طريقا للسعادة" يعود بالخير على شعوب الدول.

ليانه وازوباو لسنغافورة: كيف تقيم الصين مفهوم" منطقة المحيطين الهندي والهادئ والدول الأربع في هذه المنطقة"، وما هي التأثيرات لهذا المفهوم على المنطقة؟

ج: إن" استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ "التي وضعتها الولايات المتحدة تصبح الآن مرادفا لسياسة التكتلات. يدعي الجانب الأمريكي بأنه يسعى إلى تعزيز التعاون الإقليمي، غير أن ما يفعله هو التلاعب بالتجاذبات الجيوسياسية؛ ويدعي بأنه سيعود إلى تعددية الأطراف، لكن ما يفعله هو إنشاء "النادي" المنغلق والإقصائي، ويدعي بأنه يحافظ على القواعد الدولية، لكنه ما يفعله هو محاولة فرض قواعدها الخاصة. لم تأت الولايات المتحدة بنعمة للمنطقة، بل أتت بمتاعب تخرب السلام والتنمية في المنطقة من خلال ترتيبات "خمسة وأربعة وثلاثة واثنين "في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أي تعزيز "تحالف العيون الخمس" وترويج "الآلية الرباعية" وإنشاء علاقات الشراكة الأمنية الثلاثية وتقوية التحالفات العسكرية الثنائية.

إن الهدف الحقيقي لـ"استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ" هو صنع نسخة من "حلف الناتو" في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بغية صيانة نظام الهيمنة الذي تقوده الولايات المتحدة، وذلك سيشكل صدمة لهيكل التعاون الإقليمي الذي تكون آسيان مركزا له، ويضر بالمصلحة الكلية والطويلة الأمد لدول المنطقة. إن هذا التيار الرجعي يعاكس الرؤية المشتركة لدى دول المنطقة للسعي وراء السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك، وسيجد طريقا مسدودا بكل التأكيد.

إن منطقة آسيا والمحيط الهادئ أرض واعدة للتعاون والتنمية، وليست رقعة الشطرنج الجيوسياسية. ظلت الصين تتجذر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتعمل على بنائها وخدمتها. نرحب بالمبادرات التي تتماشى مع الظروف الواقعية في المنطقة وتلبي احتياجات كافة الأطراف، ونرفض رفضا قاطعا دعوات تحرض على المواجهة في المنطقة وتصنع الاستقطاب بين الكتل. إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع كافة الأطراف على التمييز بين الحق والباطل والتمسك بالطريق المستقيم، ومقاطعة" الدائرة الضيقة "التي تدعو إلى المواجهة في "منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، وإقامة" المسرح الكبير "للتعاون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والمضي قدما يدا بيد نحو مجتمع المستقبل المشترك في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

صحيفة الشعب اليومية: هل يمكنكم تسليط الضوء على آخر التطورات لتنفيذ المبادرة؟

ج: تسببت الجائحة في تداعيات خطيرة على عملية التنمية العالمية، وكانت الدول النامية في مقدمة المتضررين البالغين. على هذه الخلفية، طرح الرئيس شي جينبينغ بكل جدية مبادرة التنمية العالمية في الأمم المتحدة، بهدف دعوة جميع الدول إلى إيلاء الاهتمام لقضية التنمية وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات معا.

إن نواة الأفكار للمبادرة هي وضع الشعب فوق كل الاعتبارات، وأهم الأهداف لها هو دعم تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة. وحصلت هذه المبادرة بسرعة على الاستجابة والدعم من قبل الأمم المتحدة وقرابة مائة دولة، لما لها من محتويات تستجيب احتياجات كافة الأطراف. وعقدت "مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية" اجتماعها الأول بمقر الأمم المتحدة في نيويورك في يناير الماضي، بحضور ممثلي أكثر من مائة دولة و20 منظمة دولية، مما بلور توافقا دوليا أوسع من أجل تنفيذ هذه المبادرة.

يرى الجانب الصيني دائما أن التنمية المستدامة هي التنمية الجيدة، والتنمية للجميع هي التنمية الحقيقية. إننا على استعداد للعمل مع كافة الأطراف على تنفيذ المبادرة على أرض الواقع بشكل تدريجي من الجوانب الأربعة التالية:

أولا، المواءمة في المجالات ذات الأولوية. يجب التركيز على القضايا الأكثر إلحاحا التي تواجه الدول النامية في الوقت الحالي، وخاصة الدفع بالتعاون العملي في مجالات مكافحة الفقر والأمن الغذائي والتعافي الاقتصادي والتوظيف والتدريب والتعليم والصحة والتنمية الخضراء وغيرها، بما يدعم تحقيق الأهداف الـ17 للتنمية المستدامة عام 2030 في الموعد المحدد.

ثانيا، المواءمة بين احتياجات كافة الدول. ويجب الالتزام بروح الشراكة المتسمة بالانفتاح والشمول، والتمسك بالتشاور والتعاون والمنفعة للجميع، والترحيب بالمشاركة المرنة لكافة الأطراف في هذه المبادرة بناء على احتياجاتها الواقعية أو مواردها ذات المزايا.

ثالثا، المواءمة بين آليات التعاون. إننا على استعداد للتعاون يدا بيد مع جميع المنظمات الدولية والإقليمية التي ترغب في المشاركة، وخاصة منظومة الأمم المتحدة، والتنسيق مع العمليات التنموية للدول الجزرية الصغيرة والدول غير الساحلية والدول الأقل نموا لأجل رفع كفاءتها، بغية توظيف مزايا الأطراف المختلفة وتضافر الجهود في العالم.

رابعا، المواءمة مع الشركاء من كافة الأوساط. يجب الاهتمام بأدوار القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والخبراء والمؤسسات الفكرية ووسائل الإعلام في تنفيذ أجندة 2030، والترحيب بالمقترحات والتوصيات والمشاركة النشطة من كافة الأطراف.

خلاصة القول، إن مبادرة التنمية العالمية هي مبادرة هامة أخرى طرحها الرئيس شي جينبينغ بعد مبادرة "الحزام والطريق"، وهي جاءت بمثابة "تعبئة مجددة" للتعاون التنموي في العالم، و"تأكيد مجدد" على مفهوم وضع الشعب فوق كل الاعتبارات الذي يعد جوهرا لحقوق الإنسان، وهي طرحت "خارطة طريق" لتجسير الهوة بين الجنوب والشمال ومعالجة الخلل في التنمية، وقدمت "مسرّعا" لدفع أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة أيضا. إننا على استعداد للعمل مع كافة الدول على استكشاف سبل تنفيذ هذه المبادرة على نحو جيد، وعدم ترك أي دولة تتخلف عن الركب، وعدم ترك أي مطلب متجاهلا، وعدم جعل أي أحد متروكا، بغية بناء مجتمع المستقبل المشترك للتنمية العالمية.

قناة سي ان آي: يصادف عام 2021 الذكرى الـ30 لإقامة علاقات الحوار بين الصين وآسيان. ما هي الخطة الصينية لتعميق العلاقات مع آسيان؟

ج: أقيمت علاقات الحوار بين الصين وآسيان قبل 30 سنة، الأمر الذي يعد طليعة في التعاون الإقليمي. أما بعد 30 سنة، فتمت إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وآسيان، مما نصب نموذجا يحتذى به لحسن الجوار. نجحت الصين وآسيان على مدى 30 سنة في إيجاد طريق واعد للتآخي والتعاون والكسب المشترك بين دول الجوار ونصب نموذج يحتذى به للتعاون الإقليمي المتميز بأكبر قدر من الحيوية والإمكانيات الكامنة، وذلك من خلال الاستفادة من جميع المزايا العصرية والجغرافية والإنسانية لدى الجانبين.

ليس هناك أحسن للعلاقات بين الصين وآسيان بل إلى الأحسن. استشرافا للمستقبل، يحرص الجانب الصيني على العمل مع دول آسيان على التمسك برسالة تحقيق التنمية المشتركة مع عدم نسيان الغاية الأصلية لصيانة الاستقرار والأمان، والالتزام بنهج التعايش بين الجيران المتمثل في التفاهم والتنازل وتبادل المساعدة والدعم، والدفع بالعلاقات بين الجانبين لتتقدم بسرعة مثل القطار الذي يسير على السكك الحديدية بين الصين ولاوس، وتحقيق نتائج جديدة ومستمرة في إقامة مجتمع المستقبل المشترك الأوثق بين الصين وآسيان، بما يخدم شعوب الجانبين بشكل أفضل.

ينبغي أن نكون دعاة إلى التعاون الدولي في مكافحة الجائحة. علينا تعميق التعاون في مجالات الإنتاج المشترك للقاحات وتطوير الأدوية الحاسمة، وتعزيز صلابة "الدرع الصحي" الذي بناه الجانبان، والحفاظ على انسياب "الممر السريع" و"الممر الأخضر" اللذين فتحهما الجانبان، وصيانة حياة شعوب دول المنطقة وصحتهم.

ينبغي أن نكون روّادا للتعاون الإقليمي. علينا الدفع بتطبيق الاتفاقية الإقليمية للشراكة الاقتصادية الشاملة على نحو شامل وفعال، وإطلاق بناء النسخة الثالثة لمنطقة التجارة الحرة بين الصين وآسيان في أقرب الآجال، وتوسيع التعاون في المجالات الزرقاء والخضراء ومجال الاقتصاد الرقمي وغيرها من المجالات الجديدة، والتعاون في بناء ممرات تجارية دولية جديدة بريا وبحريا، بما يشكل نموذجا جديدا للتعاون الإقليمي.

ينبغي أن نكون مدافعين عن الاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. إن الدعوة إلى السلام والاستقرار والازدهار تمثل نداء مشتركا لدول المنطقة. إن منطقة آسيا والمحيط الهادئ ليست "رقعة الشطرنج" للتجاذبات بين الدول الكبرى، وإن دول آسيان ليست "قطع الشطرنج" للتنافس الجيوسياسي، بل هي "لاعبو الشطرنج" المهمون الذين يعززون التنمية والازدهار في المنطقة. سنواصل إعطاء الأولوية لآسيان في الدبلوماسية الصينية، ونعمل على صيانة بثبات هيكل التعاون الإقليمي الذي تكون آسيان مركزا له، وصيانة مكانة منطقة جنوب شرقي آسيا كمنطقة خالية من الأسلحة النووية، وصيانة السلام والاستقرار في المنطقة، ودعم القيام بالوساطة في القضايا الساخنة في المنطقة بسبل آسيان، ورفض إثارة الاستقطاب والانقسام والمواجهة بين التكتلات في المنطقة.

وكالة كيودو: يصادف هذا العام الذكرى الـ50 لتطبيع العلاقات الصينية اليابانية. كيف ينظر الجانب الصيني إلى العلاقات الصينية اليابانية في العصر الجديد؟ ما هي الخطة الصينية لتنظيم الفعاليات داخل البلاد؟

ج: يصادف هذا العام الذكرى الـ50 لتطبيع العلاقات الصينية اليابانية، وهو أيضا مناسبة مهمة للجانبين لاستعراض الماضي واستشراف المستقبل معا. قبل 50 سنة، اتخذ الجيل القديم من قادة البلدين بجرأة سياسية كبيرة قرارا هاما لتطبيع العلاقات الثنائية من أجل تحقيق السلام والصداقة بين الصين واليابان. على مدى الـ50 سنة الماضية، يتوسع التواصل والتعاون بين الجانبين بشكل مستمر، مما عاد بالخير المهم على الشعبين. وتوصلت قيادتا البلدين في العام الماضي إلى توافق مهم حول إقامة العلاقات التي تتفق مع متطلبات العصر الجديد، مما حدد اتجاه التطور للعلاقات الثنائية في المرحلة القادمة.

في نفس الوقت، علينا أن ندرك أن العلاقات الصينية اليابانية ما زالت تواجه بعض الخلافات والتحديات في الوقت الراهن، خاصة أنه دائما ما يكون هناك بعض الناس في اليابان لا يريدون رؤية التطور السريع للصين، ولا يريدون الاستقرار للعلاقات الصينية اليابانية. بهذه المناسبة، أود أن أطرح للجانب الياباني نصائح ذات ثلاث نقاط.

أولا، يجب عدم نسيان الغاية الأصلية والتمسك بالاتجاه الصحيح للعلاقات الثنائية. بجب الالتزام الصارم بالمبادئ والروح الواردة في الوثائق السياسية الأربع بين الصين واليابان، وتطبيق التوافقات المهمة المتمثلة في "أن الصين واليابان شريكان للتعاون ولا يشكل أحدهما تهديدا للآخر" و"تبادل الدعم للتنمية السلمية في الطرف الآخر"، وضمان تطور العلاقات الثنائية نحو اتجاه السلام والصداقة بشكل دائم.

ثانيا، يجب الوفاء بالتعهدات وصيانة الأسس السياسية للعلاقات الثنائية على نحو جيد. إن القضايا الهامة والحساسة المتعلقة بالتاريخ وتايوان تخص أساس الثقة المتبادلة بين الصين واليابان. إذا تأكل الأساس، انهار المبنى. نأمل من الجانب الياباني أن يلتزم بسلسلة من التعهدات الجدية التي قطعها بخصوص هذه القضايا حتى الآن، تجنبا لتعريض العلاقات الثنائية لمزيد من الصدمات الخطيرة.

ثالثا، يجب مواكبة الزخم العام والعمل سويا على فتح آفاق واعدة للعلاقات الثنائية. من الحتمي في تقدم التاريخ أن تحل تعددية الأطراف ودمقرطة العلاقات الدولية محل نزعة الأحادية والهيمنة، وأصبحت عقلية الحرب الباردة وتشكيل التحالف والمواجهة الجيوسياسية شيئا منبوذا منذ الزمان. يجب أن يواكب الجانب الياباني الزخم العام بدلا من أن يعاكسه، وألا يغامر من أجل مصلحة الآخرين، وألا يسلك طريقا ضالا يمس بمصلحة جيرانه. ومن المطلوب أن يأخذ الجانب الياباني التاريخ كمرآة ويتوجه نحو المستقبل بشكل حقيقي، ويقدم مساهماته المطلوبة للسلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.

تشاينا نيوز سيرفيس: بذلت وزارة الخارجية جهودا كبيرة في العام الماضي لمساعدة المواطنين الصينيين في الخارج على تجاوز الصعوبات. ما هي الخطوات الجديدة التي ستتخذها وزارة الخارجية في تنفيذ مبدأ الدبلوماسية لخدمة الشعب؟

ج: لم يكن العام الماضي عاما سهلا بالنسبة إلى المواطنين الصينيين في الخارج، إذ أنهم كانوا متعرضين للمخاطر مثل الجائحة العالمية والكوارث الطبيعية والاضطرابات السياسية والصراعات العسكرية في أي لحظة. وظلت سلامتهم موضع الاهتمام لدى أبناء الشعب في الوطن الأم. قد تتعذر على المواطنين في الخارج العودة إلى الوطن بشكل مؤقت، فنوصل دفء الوطن إليهم. في العام المنصرم، بذلت وزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية الصينية في الخارج قصارى جهدها لتنفيذ حملة التلقيح في فصل الربيع في العالم، مما ساعد ملايين المواطنين الصينيين الذين يعيشون ويعملون في 180 دولة على تلقي اللقاحات. وبذلنا قصارى جهدنا للدفاع عن سلامة الأرواح والحقوق والمصالح المشروعة للمواطنين في الخارج، حيث يبقى الخط الساخن "12308" قيد التشغيل على مدار الساعة، وتلقينا أكثر من 500 ألف اتصال هاتفي من المواطنين لطلب المساعدة في العام الماضي، وتعاملنا مع أكثر من 60 ألف قضية متعلقة بالحماية والمساعدة القنصلية، ونجحنا في إنقاذ عشرات المواطنين المختطفين. عادت السيدة منغ وانتشو سالمة إلى وطنها الأم عشية اليوم الوطني في العام الماضي بعد قضاء أكثر من ألف يوم في احتجاز غير شرعي، وبفضل الجهود الدؤوبة. كان قولها "إذا كان للإيمان لون، فهو لون الصين الأحمر بكل التأكيد" يعبر عن الإيمان المشترك من قلوب جميع أبناء الشعب الصيني البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.

تعد خدمة المواطنين وحل مشاكلهم مسؤولية مطلوبة للعمل الدبلوماسي. ستواصل الدبلوماسية الصينية التمسك بمبدأ وضع الشعب فوق كل الاعتبارات، لنكون أصدقاء مقربين للجماهير ومدافعين عن مصالح المواطنين في الخارج. سنركز جهودنا على إنجاح 3 مهام في هذا العام:

أولا، إنشاء منصة قنصلية ذكية، وتقديم المزيد من الخدمات عبر التطبيقات في الهاتف المحمول، واستكمال الخدمات القنصلية الرقمية وعلى مدار الساعة.

ثانيا، بناء "منظومة الصين الآمنة في الخارج"، سيتم تعزيز الإنذار المبكر للمخاطر الأمنية في الخارج وإرشاد الشركات في الخارج لتعزيز البناء الأمني، بما يوفر ضمانا أمنيا أسرع وأكثر فعالية للمواطنين في الخارج.

ثالثا، إطلاق "برنامج الزيارة السليمة"، سيتم بناء نسخة مطورة من "الممر السريع" للمواطنين الصينيين والأجانب، مع إصدار نسخة معززة من "الشهادة الصحية للسفر الدولي"، بما يجعل رحلات دولية آمنة وصحية وسهلة.

وكالة يونهاب للأنباء: ما هي خطط الجانب الصيني لاستئناف عملية الحل السياسي لملف شبه الجزيرة الكورية؟ ستأتي الذكرى الـ30 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وجمهورية كوريا في العام الجاري، فما هي الرؤية الصينية لتطوير العلاقات بين الصين وجمهورية كوريا؟

ج: هناك قول صيني قديم: "يجب علاج المرض من جذوره وتصحيح الخطأ من أصوله". وتكمن "جذور" ملف شبه الجزيرة الكورية في استمرار التهديدات الأمنية الخارجية التي تواجهها كوريا الديمقراطية لمدة طويلة، ولم تحل الهموم الأمنية المعقولة لجانب كوريا الديمقراطية طول الوقت.

نرى أن حل ملف شبه الجزيرة الكورية يتطلب توجه جميع الأطراف إلى نفس الاتجاه. لاحظنا أن كوريا الديمقراطية اتخذت سلسلة من الإجراءات الإيجابية التي تهدف إلى إنجاح الحوار، ولكنها لم تحصل على مردود مطلوب حتى الآن، وهذا الأمر لا يتفق مع مبدأ "عمل مقابل عمل" كالتوافق لجميع الأطراف، مما زاد من وطأة الثقة المتبادلة الناقصة أصلا بين الولايات المتحدة وكوريا الديمقراطية، وجعل مختلف مبادرات الحوار شعارا فارغا.

لاحظنا أن الجانب الأمريكي أعلن مؤخرا أنه ليس معاديا لكوريا الديمقراطية، وهو على استعداد لحل المشاكل عبر الوسائل الدبلوماسية. فيتوقف تطور الأوضاع في المرحلة القادمة على أفعال الجانب الأمريكي إلى حد كبير، أي ما إذا كان الجانب الأمريكي سيتخذ إجراءات ملموسة لحل المشاكل، أم يواصل استخدام ملف شبه الجزيرة الكورية كورقة في خدمة استراتيجيته الجيوسياسية.

يدعو الجانب الصيني مجددا الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لحل الهموم الأمنية المعقولة لكوريا الديمقراطية، وبناء الثقة المتبادلة الأساسية معها، والدفع بالعملية السياسية لحل ملف شبه الجزيرة الكورية باستمرار وفقا لفكرة "المسارين المتوازيين" ومبدأ "الحل على مراحل وبخطوات متوازنة". إن الجانب الصيني على استعداد لمواصلة دوره البناء وبذل الجهود المطلوبة في هذا الصدد. 

فيما يخص العلاقات بين الصين وجمهورية كوريا، فإنهما جاران صديقان تربطهما الروابط التاريخية العميقة. ودائما ما يقول الصينيون إن "جارك القريب ولا أخوك البعيد"، ويوجد مثل في جمهورية كوريا: "شراء مسكن بالنقود وشراء جار بالذهب". يصادف هذا العام الذكرى الـ30 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وجمهورية كوريا، وعلى مدى الـ30 سنة الماضية، صمدت العلاقات بين الصين وجمهورية كوريا أمام تغيرات الأوضاع المختلفة وحققت تطورا شاملا وسريعا. وأثبتت الحقائق على أن الصين وجمهورية كوريا شريكا التعاون ولهما المصالح المشتركة والمزايا المتكاملة والإمكانية الضخمة، بدلا من خصمين. على ضوء الذكرى الـ30 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، نحن حريصون على تكريس تقاليد الصداقة وتعميق التعاون المتبادل المنفعة وتحقيق التنمية المشتركة بشكل أفضل.

قناة خبر 24 التلفزيونية الكازاخية: يصادف هذا العام الذكرى الـ30 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ودول آسيا الوسطى. وما هي الإجراءات التي تخطط الصين لاتخاذها لتحقيق الأهداف المحددة في القمة الافتراضية بين الصين ودول آسيا الوسطى الخمس؟

ج: حدثت أحداث كبيرة وسارة بشكل متواصل بين الصين ودول آسيا الوسطى في هذا العام. عقد الرئيس شي جينبينغ قمة افتراضية مع زعماء دول آسيا الوسطى الخمس في بداية العام للاحتفال المهيب بالذكرى الـ30 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين. وبعد ذلك، اجتمع زعماء دول آسيا الوسطى الخمس في بيجينغ للوفاء بـ"موعد الأولمبياد الشتوي".

يرى الجانب الصيني دائما أن آسيا الوسطى التي تسودها التنمية والازدهار والاستقرار والحيوية لأمر يتفق مع المصالح المشتركة للصين ودول المنطقة، وسنواصل التمسك بالمبادئ الأربعة المتمثلة في الاحترام المتبادل وحسن الجوار والتساند بروح الفريق الواحد والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك، وبذل جهود مشتركة لبناء علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة على أساس المقومات الغنية والإنجازات المثمرة والصداقة المستدامة، والعمل على الدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك بين الصين وآسيا الوسطى بشكل متواصل.

إن العلاقات بين الصين ودول آسيا الوسطى تمر بعصرها الذهبي وأصبحت ناضجة في عمرها الـ30، وتقبل على أفق واعد للتطور المزدهر. إن الجانب الصيني على استعداد لبذل جهود مشتركة مع الدول الخمس لتنفيذ نتائج القمة بمناسبة الذكرى الـ30 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين على نحو جيد، وتطوير آلية التعاون لـ"الصين + دول آسيا الوسطى الخمس" بشكل عملي وتقويتها، وتوسيع وتعميق التعاون في مجالات مكافحة الجائحة والطاقة الإنتاجية والطاقة والزراعة والإنسان والثقافة والاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء، وتبادل الدعم الثابت في المسائل المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانب الآخر، والعمل على بناء مجتمع المستقبل المشترك الأوثق بين الصين ودول آسيا الوسطى، وفتح عقود ثلاثة قادمة أروع للعلاقات بين الجانبين.

غلوبال تايمز: تعتبر "القمة من أجل الديمقراطية" التي عقدتها الولايات المتحدة مؤتمرا غير ناجحة في العام الماضي، غير أن الولايات المتحدة ما زالت تعلن عن عقد "القمة من أجل الديمقراطية" حضوريا في العام الجاري، فكيف يواجه الجانب الصيني ذلك؟

ج: عقدت الولايات المتحدة ما يسمى بـ"القمة من أجل الديمقراطية" باسم "الديمقراطية" في العام الماضي، واستبعدت ما يقرب من نصف دول العالم عن القمة، وقامت بشكل سافر بالتمييز بين المعسكرات حسب الأيديولوجية وصنع الانقسام في العالم، ويعد الأمر بحد ذاته دوسا على روح الديمقراطية، أما عقد هذا نوع من القمة مرة أخرى، فهو أمر لا يحظى بدعم من الشعوب.

إن الديمقراطية الشعبية الصينية بعملياتها الكاملة هي ديمقراطية واسعة النطاق وحقيقية ومفيدة، وحصلت على التأييد والدعم المخلصين من الشعب الصيني. أصدرت شركة إيدلمان وهي أكبر شركة للعلاقات العامة والاستشارات في العالم تقريرا في يناير الماضي، يشير إلى أن نسبة الثقة من الشعب الصيني بالحكومة الصينية تصل إلى 91% في عام 2021، وتظل هذه النسبة العليا على نطاق العالم، كما أنها تسجل رقما قياسيا جديدا منذ السنوات الـ10 الماضية. وتشير استطلاعات الرأي العام التي أجرتها جامعة هارفارد لسنوات متتالية إلى نتائج مماثلة. إن العالم يعترف بالديمقراطية الصينية، وتحدونا ثقة أكبر بطريقنا.

إن حديقة حضارات البشرية متنوعة ومتلونة، ويجب أن تكون الديمقراطية في الدول المختلفة متنوعة مثل الزهور المختلفة. إن تحديد "معيار الديمقراطية" وفقا للنمط الأمريكي دليل بحد ذاته على عدم الديمقراطية. والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى باسم "الديمقراطية" لا يؤدي إلا إلى إلحاق الأضرار بشعوب العالم. إن استعلاء الذات ليس الديمقراطية، بل هو سيأتي بكارثة على الديمقراطية.

نتطلع إلى التواصل والاستفادة المتبادلة مع الدول المختلفة بموقف المساواة، وتكريس روح الديمقراطية الحقيقية وإزالة أقنعة الديمقراطية المزيفة بكافة أشكالها، والدفع بدمقرطة العلاقات الدولية بشكل عملي، وتدعيم تطور قضية تقدم البشرية باستمرار.  

وكالة بلومبرغ الأمريكية: بالرأي الصيني، ما الفرق والتشابه بين الوضع للمسألة الأوكرانية ومسألة تايوان؟ كيف ينظر الجانب الصيني إلى احتمال نشوب الصراع في مضيق تايوان؟

ج: يجب أن نوضح في البداية أن هناك اختلافا جذريا بين مسألة تايوان والمسألة الأوكرانية، فلا وجه للمقارنة بين المسألتين. إن أهم اختلاف يكمن في أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وأن مسألة تايوان من الشؤون الداخلية الصينية بحتا، غير أن المسألة الأوكرانية هى نزاع بين روسيا وأوكرانيا. يؤكد البعض على مبادئ السيادة في المسألة الأوكرانية، إلا أنهم يمسّون بسيادة الصين وسلامة أراضيها فيما يخص مسألة تايوان بشكل مستمر، ويعد ذلك معيارا مزدوجا مفضوحا. 

إن جذور توتر الوضع في مضيق تايوان تكمن في رفض الحزب الديمقراطي التقدمي الاتفاق مع مبدأ الصين الواحدة، ومحاولته لتغيير وضع انتماء جانبي المضيق إلى صين واحدة، وقيامه بتحريف تاريخ تايوان وقطع جذورها من خلال تلاعبه بـ "صينين" و"صين واحدة وتايوان واحدة"، وذلك سيدمر مستقبل تايوان بكل التأكيد في نهاية المطاف. أما الولايات المتحدة وبعض القوى الأخرى التي تريد عرقلة نهضة الصين، فتقوم بالتساهل مع تنامي قوى "استقلال تايوان" وتشجيعها وتتحدى وتفرغ مبدأ الصين الواحدة، الأمر الذي يخالف القواعد الأساسية للعلاقات الدولية ويضرّ بالسلام والاستقرار في مضيق تايوان بشكل خطير، وذلك سيعرّض تايوان للخطر، وسيجلب عواقب لا تستطيع الولايات المتحدة تحملها.

أود التأكيد على أن جانبي المضيق لهما نفس المصدر التاريخي والثقافي، وينتميان إلى الصين الواحدة. يكون مصير تايوان مرهونا بالتطور السلمي للعلاقات عبر المضيق وتحقيق وحدة البلاد، بدلا من "شيك على بياض" من الخارج. إن الاستقواء بالخارج طريق مسدود، وسياسة "احتواء الصين بتايوان" مكتوب عليها الفشل. وستعود تايوان حتما إلى أحضان الوطن الأم في نهاية المطاف.

CGTN: ستتولى الصين الرئاسة لدول البريكس في العام الجاري، كما ستعقد اجتماعات لأبيك ومجموعة العشرين في دول آسيوية. ما تطلعات الصين لدور الدول الناشئة والنامية في الحوكمة العالمية؟

ج: تعد دول البريكس نموذجا لتحقيق النهضة عبر التضامن بين الأسواق الناشئة والدول النامية، كما أنها قوة حاسمة لدفع الحوكمة العالمية. ستتسلم الصين عصا التتابع لرئاسة دول البريكس مرة أخرى بعد 5 سنوات. سنستضيف القمة لدول البريكس ونقيم أكثر من 160 فعالية. وسنعمل مع باقي دول البريكس على تعميق التعاون بين دول البريكس ورفع جودة البريكس وتلميع "اللوحة الذهبية" للتعاون بين الجنوب الجنوب، تحت عنوان "إقامة الشراكة العالية الجودة والعمل المشترك لفتح عصر جديد للتنمية العالمية"، بما يبعث أملا وثقة لدول العالم في هزيمة الجائحة عبر التضامن والدفع بانتعاش الاقتصاد العالمي. 

سنقود إصلاحات نظام الحوكمة العالمية بمفهوم الإنصاف والعدالة، ونطرح "رؤية البريكس" للحوكمة العالمية في العصر ما بعد الجائحة. وسنركز على التعاون في مجال اللقاح ونوسع التعاون في مجال الصحة العامة، بما يرسخ "خط الدفاع للبريكس" لمكافحة الجائحة. وسنعمل على تعميق التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والمالية والابتكار والاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء والحد من الفقر والتخلص من الفقر على نحو شامل، بما يبني "الخط السريع للبريكس" للإسراع في التنمية العالمية. كما سنتخذ تعميق التعاون في إطار "البريكس +" كفرصة لتعزيز التنسيق والتعاون الاستراتيجيين بين الأسواق الناشئة والدول النامية، بما يقدم "مساهمة البريكس" في سبيل إقامة نوع جديد من شراكة التنمية العالمية.

ستستضيف الصين وتايلاند وإندونيسيا قمة دول البريكس والاجتماع غير الرسمي لقادة دول أبيك وقمة مجموعة العشرين كل على حدة في العام الجاري، حيث ستدخل الحوكمة العالمية إلى "توقيت آسيا". نتطلع إلى أن تتحول الأسواق الناشئة والدول النامية في سباق الحوكمة العالمية من "المتابعين" إلى "المتوازيين" أو "المتصدرين"، من خلال تفعيل دورها بشكل نشط وإطلاق صوت أعلى، وقيادة تطور النظام الدولي نحو اتجاه أكثر إنصافا وعدالة، والدفع بعملية العولمة نحو اتجاه أكثر انفتاحا وشمولا وتوازنا ونفعا وكسبا للجميع.

بريس ترست أوف انديا: تبقى العلاقات بين الصين والهند في القاع. ما هي توقعات الصين لأفق العلاقات الصينية الهندية في العام الجاري؟

ج: شهدت العلاقات الصينية الهندية بعض الانتكاسات في السنوات الأخيرة، وذلك لا يتفق مع المصالح الأساسية للبلدين والشعبين. بالنسبة إلى مسألة الحدود التي خلفها التاريخ، تدعو الصين دائما إلى إدارة الخلافات والسيطرة عليها عبر التشاور المتكافئ، وهي تعمل بنشاط على إيجاد حل عادل ومعقول لها، في الوقت نفسه، لا ينبغي أن تؤثر أو تشوش هذه المسألة على مجمل التعاون بين البلدين.

لاحظنا أنه دائما هناك بعض القوى التي تحاول إثارة الصراع بين الصين والهند وصنع الانقسام بين الأقاليم، لكن هذه التصرفات تثير المراجعة والحذر من قبل عدد متزايد من أصحاب الرؤية. يدرك الجميع على نحو متزايد أن الدول الكبيرة مثل الصين والهند التي يبلغ عدد سكانها مليار نسمة ونيف، لن تتمكن من التحكم في مصيرها وتحقيق التنمية والنهضة لها فعليا إلا من خلال الالتزام بالاستقلالية.

يتجاوز إجمالي عدد السكان للصين والهند 2.8 مليار نسمة، ما يساوي ثلث سكان العالم. إن نجاح الصين والهند في تحقيق التنمية المستقرة والتعايش السلمي سيوفر أساسا راسخا للسلام والازدهار في العالم. كما يقول المثل الهندي: "ساعد أخاك على عبور النهر، يمكنك الوصول إلى الجانب الآخر أيضا". نأمل من الجانب الهندي العمل مع الجانب الصيني على التمسك بالتوافق الاستراتيجي المتمثل في "عدم تشكيل التهديد وتوفير الفرص التنموية لبعضهما البعض"، والالتزام بتعزيز الثقة المتبادلة وتجنب سوء الفهم أو سوء الحكم، ليصبح الجانبان شريكين يساعد أحدهما الآخر لتحقيق النجاح بدلا من خصمين يستنزف بعضهما البعض، والعمل على ضمان تقدم العلاقات الثنائية في المسار الصحيح والعودة بفوائد أكبر على الشعبين وتقديم مساهمات أكثر للمنطقة والعالم. 

China Arab TV: ما هي الإجراءات التي سيتخذها الجانب الصيني لحل القضايا الساخنة في منطقة الشرق الأوسط والمشاركة البناءة في شؤون الشرق الأوسط؟

ج: ظل الأمن والتنمية معضلتين تشغلان بال دول الشرق الأوسط منذ فترة طويلة. إن الصين بصفتها شريكا استراتيجيا لدول الشرق الأوسط، تتمسك دائما بـ"الدعمين"، أي دعم مساعي دول الشرق الأوسط لحل القضايا الأمنية في المنطقة عبر التضامن والتعاون، ودعم جهود شعوب الشرق الأوسط لاستكشاف الطرق التنموية الخاصة بها بإرادتها المستقلة.

منذ أكثر من سنة، طرح الجانب الصيني بالتوالي "المبادرة ذات النقاط الخمس بشأن تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط" و"المبادرة ذات النقاط الأربع للحل السياسي للمسألة السورية" و"الأفكار ذات النقاط الثلاث لتنفيذ 'حل الدولتين' بين فلسطين وإسرائيل"، وذلك بهدف الدفع بحل القضايا الساخنة وتحقيق أمن المنطقة والأمن المشترك عن طريق الحوار. في الوقت نفسه، تعمل الصين يدا بيد مع دول الشرق الأوسط على مكافحة الجائحة ودفع عجلة التعاون في إنتاج اللقاحات وتطوير الأدوية. وتقوم الصين بالإسراع في بناء منطقة التجارة الحرة بينها ودول الخليج، وتقوم بتفعيل اتفاقية التعاون الشامل بينها وإيران، مما ضخ قوة دافعة إيجابية لتدعيم التنمية في الشرق الأوسط.

يظل الدور الذي تلعبه الصين في الشرق الأوسط بناء، ولا نسعى وراء ما يسمى بالمصالح الجيوسياسية أبدا، ولا ننوي ملء ما يسمى بفراغ السلطة. خلال العقود الماضية، تعرضت منطقة الشرق الأوسط وشعوبها للأذى مرة تلو الأخرى، جراء تسابق الدول الكبرى من الخارج للتدخل في شؤون الشرق الأوسط. لا يجوز استمرار هذا المشهد في يومنا في القرن الـ21. من المطلوب تسليم سلطة الحفاظ على الأمن والتنمية في الشرق الأوسط إلى أيدي شعوبها بشكل تام، ودعم مساعي دول المنطقة لإحلال السلام من خلال الوحدة وتحقيق الاستقرار من خلال تقوية الذات وتدعيم التنمية من خلال التعاون، بما يحقق السلام والازدهار الدائمين بالفعل في منطقة الشرق الأوسط.

قناة شنتشن الفضائية: إن العلاقات بين الصين والدول الجزرية في جنوب المحيط الهادئ تتعمق باستمرار. ما رأيكم في أفق العلاقات بين الصين والدول الجزرية في جنوب المحيط الهادئ؟

ج: تلتزم الدبلوماسية الصينية دوما بالمساواة بين جميع الدول سواء كانت كبيرة أو صغيرة. لذا، بالنسبة لدول جنوب المحيط الهادئ وغيرها من الدول الجزرية الصغيرة، نولي اهتماما ودعما خاصا ودائما لها.

 ندعم تبادل الاحترام والثقة مع دول جنوب المحيط الهادئ والتعامل معها على قدم المساواة، وندعم هذه الدول للسير بحزم على الطرق التنموية التي تتماشى مع ظروفها الوطنية.

نحرص على تبادل المساعدة مع دول جنوب المحيط الهادئ ومواجهة التحديات بشكل مشترك. قدم الجانب الصيني مساعدات عاجلة إلى تونغا فور وقوع كارثة انفجار البركان فيها، وقدم الجانب الصيني دعما لجزر سليمان للحفاظ على الاستقرار ووقف العنف، وهو تبرع باللقاحات والمعدات الطبية إلى دول جنوب المحيط الهادئ التي تحدث الجائحة فيها، الأمر الذي يعكس روح التقاسم في السراء والضراء في مجتمع المستقبل المشترك.

نحرص على تبادل التعلم والاستفادة وتحقيق الكسب المشترك من خلال التعاون مع دول جنوب المحيط الهادئ. سنشارك في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية ونواصل تقديم المساعدات الاقتصادية والفنية بدون شروط سياسية. قد تم تشغيل مستودع المواد الاحتياطية للطوارئ للصين ودول المحيط الهادئ، وسيُنجز بناء مركز التعاون لمواجهة تغير المناخ ومركز التعاون للحد من الفقر والتنمية في الوقت القريب.

ظلت الصين صديقا عزيزا وموثوقا به لدول جنوب المحيط الهادئ، ونحرص على تشكيل نموذج جديد للدعم المتبادل والتضامن والتعاون بين الدول التي تختلف من حيث الحجم والنظام.

ذا ستريتس تايمز: هل أنتم متفائل من تجاوز الخلافات بين الصين ودول آسيان والتوصل إلى "قواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي"؟ برأيكم، هل ستكون "قواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي" ملزمة قانونيا؟

ج: يصادف هذا العام الذكرى الـ20 للتوقيع على "إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي". على مدى الـ20 سنة الماضية، عملت الصين مع دول آسيان على تطبيق "الإعلان"، مما حافظ على الاستقرار للأوضاع في بحر الصين الجنوبي بشكل عام. طبعا، لو كنا نسعى إلى تحقيق الأمن والأمان الدائمين في بحر الصين الجنوبي، فلا بد من التوصل إلى قواعد إقليمية أكثر مضمونا وفعالية. لذا، أكدت كافة الأطراف في "الإعلان" بكل وضوح على وضع "قواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي" كالهدف الطويل الأمد.

قد حققت المشاورات حول "القواعد" منذ إطلاقها كثيرا من التقدمات الإيجابية. لكن جائحة فيروس كورونا المستجد تركت آثارا معنية على عملية المشاورات الحالية. لكن الجانب الصيني له ثقة تامة ودائمة بأفق التوصل إلى "القواعد"، لأن الدفع بالمشاورات حول "القواعد" يتفق مع المصلحة المشتركة للصين ودول آسيان، وهو يعد خطوة حاسمة لتمكين بحر الصين الجنوبي من أن يكون بحرا للسلام والتعاون. إن "القواعد" لا تتفق مع القانون الدولي بما فيه "اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار" فحسب، بل ستوفر ضمانا أكثر فعالية للحقوق والمصالح المشروعة للدول خارج المنطقة. يجب الاهتمام بالأمرين والتعامل معهما بشكل ملائم مع الدخول إلى المرحلة الحاسمة للمشاورات:

أولا، النظرة إلى الخلافات بشكل صحيح. من المحتمل أن تكون هناك آراء مختلفة في أي مشاورة أو مفاوضة، لكن طالما تتذكر كافة الأطراف بأن هدفنا واحد، فلا يوجد أي خلاف تستحيل تسويته، ولا يوجد أي توافق يستحيل التوصل إليه.

ثانيا، إزالة التشويشات بحزم. لا تريد بعض الدول خارج المنطقة أن ترى التوصل إلى القواعد، وهي لا تريد الاستقرار في بحر الصين الجنوبي، لأن ذلك سيفقدها الذريعة للتدخل في شؤون بحر الصين الجنوبي لتحقيق مصلحتها الأنانية. من المطلوب أن تدرك دول آسيان ذلك، وتعمل سويا على مقاطعة التشويش والتخريب من الخارج. إنني على يقين أن التيارات المعاكسة من الخارج لن تتمكن من صنع العواصف أو الأمواج في بحر الصين الجنوبي، وإن التشويشات من الخارج لن تتمكن من عرقلة خطوات المنطقة نحو التعاون.

وكالة الأنباء برس الباكستانية: تواجه أفغانستان الأزمة الإنسانية الخطيرة والتهديدات الإرهابية في الوقت الراهن. بالرأي الصيني، كيف تدعم مختلف الأطراف أفغانستان لتجاوز الصعوبات؟

ج: انسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان بطريقة غير مسؤولة، مما ترك أزمة إنسانية شديدة للشعب الأفغاني، وجلب تحديات أمنية كبيرة للاستقرار في المنطقة. تمر أفغانستان حاليا بمرحلة حاسمة للحد من الفوضى، فيجب على جميع الأطراف دعم الشعب الأفغاني لاستكشاف الطريق التنموي الذي يتفق مع ظروفها الوطنية انطلاقا من مبدأ "القيادة والملكية للشعب الأفغاني". إن الأولوية الأولى الآن هي السباق مع الزمن للإسراع في تقديم مساعدات إنسانية والإفراج عن الأصول الأفغانية المجمدة في الولايات المتحدة ورفع العقوبات الأحادية الجانب بكافة أشكالها، وإعادة أصول الشعب الأفغاني بدون قيد أو شرط، تجنبا لإلحاق ضرر آخر بالشعب الأفغاني، ومساعدة أفغانستان على تجاوز الشتاء القاسي واستقبال الربيع.

قد مدت الصين يد العون لأفغانستان في اللحظة الأولى، وستواصل تقديم مساعدات جديدة وفقا لاحتياجات الشعب الأفغاني. ونحن بصدد تحضير المؤتمر الثالث لوزراء الخارجية لدول جوار أفغانستان، مستعدين لتفعيل مزايا الدول المجاورة وتقديم مساهمتها في تحقيق الأمن والآمان الدائمين في أفغانستان.

سي أن أر (إذاعة الصين الوطنية): استمررتم التقليد الممتد لـ32 عاما متتاليا لوزير الخارجية الصيني الذي يأخذ إفريقيا كمحطة أولى في جولته الخارجية في كل عام. ما هي الإجراءات التي ستتخذها الصين لتنفيذ مخرجات الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي؟ ترى بعض وسائل الإعلام الأجنبية أن الصين صنعت "فخ الديون" في إفريقيا، ما ردكم على ذلك؟

ج: يأخذ وزير الخارجية الصيني إفريقيا كمحطة أولى في جولته الخارجية في كل عام، الأمر الذي يجسد الدعم الصيني الثابت للتنمية والنهضة في إفريقيا. قامت الصين في السنوات العديدة الماضية بتشييد سكك حديدية يتجاوز طولها 10 آلاف كم وطرق عامة يقرب طولها من 100 ألف كم، إضافة إلى قرابة 100 ميناء وعدد لا يحصى من المستشفيات والمدارس. إن المشاريع المذكورة ليست "أفخاخ الديون" المزعومة، بل كلها رموز بارزة للتعاون.

يعد العام الماضي عاما مثمرا للتعاون الصيني الإفريقي، حيث نجح الجانبان في عقد الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي، الذي أعلن الرئيس شي جينبينغ فيه "البرامج التسعة" حول التعاون مع إفريقيا والدفع ببناء المجتمع الصيني الإفريقي للمستقبل المشترك في العصر الجديد، مما ضخ قوة دافعة جديدة لتطور العلاقات الصينية الإفريقية.

ويعد العام الجاري عاما لبدء تنفيذ مخرجات الاجتماع الوزاري. تلتزم الصين دائما بالتعهدات التي قطعتها بشأن التعاون مع إفريقيا، ولم تصدر يوما "شيكا على بياض". سنبذل جهودا لتكريس "روح الصداقة والتعاون بين الصين وإفريقيا"، وسنركز الجهود مع الدول الإفريقية على ثلاثة محاور:

أولا، بذل الجهود الحثيثة لدفع التعاون مع إفريقيا في مكافحة الجائحة. ويجب التنفيذ الشامل لما تعهد به الرئيس شي جينبينغ حول تقديم مليار جرعة من اللقاح إلى إفريقيا، ومساعدة إفريقيا على رفع قدرة الإنتاج المحلي للقاحات، بغية المساهمة في تحقيق هدف تطعيم 60% من سكان إفريقيا باللقاحات في عام 2022.

ثانيا، رفع جودة التعاون العملي بين الصين وإفريقيا والارتقاء بمستواه. يجب تسريع وتيرة بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية وتحقيق حصاد مبكر لـ"البرامج التسعة". ومن المهم دفع المواءمة بين مبادرة التنمية العالمية و"أجندة 2063" للاتحاد الإفريقي، ودعم التعافي الاقتصادي والتنمية المستدامة في إفريقيا بخطوات ملموسة.

ثالثا، تدعيم "نظرة السلام والتنمية للقرن الإفريقي". لقد عين الجانب الصيني مبعوثا خاصا لوزارة الخارجية الصينية لشؤون القرن الإفريقي. إن الجانب الصيني على استعداد لإجراء التواصل الواسع النطاق مع دول المنطقة، والقيام بدور بناء من أجل السلام والتنمية في القرن الإفريقي والقارة الإفريقية كلها.

وكالة أنباء أمريكا اللاتينية: كيف تعلقون على الوضع الحالي للعلاقات بين الصين ودول أمريكا اللاتينية؟ تتهم الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى الصين بسعيها وراء النفوذ الجيوسياسي عن طريق تعاونها مع منطقة أمريكا اللاتينية. ما ردكم على ذلك؟

ج: إن منطقة أمريكا اللاتينية أراضي خصبة مفعمة بالأمل والحيوية، ليست "فناء خلفيا" لأي أحد. ما تحتاج إليه شعوب أمريكا اللاتينية هو الإنصاف والعدالة والتعاون والكسب المشترك، بدلا من سياسة القوة والطغيان والتنمر.

ينتمي كل من الصين ودول أمريكا اللاتينية إلى الدول النامية، وإن الرغبة المشتركة للجانبين في تحقيق الاستقلال والتنمية والنهضة تربط "الحلم الصيني" ربطا وثيقا بـ"حلم أمريكا اللاتينية". منذ حدوث جائحة فيروس كورونا المستجد، أجرى الجانب الصيني تعاونا نشطا مع دول أمريكا اللاتينية في مجال مكافحة الجائحة، وقد قدمت إليها قرابة 400 مليون جرعة من اللقاح و40 مليون قطعة من المواد الوقائية. في العام الماضي، تجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين عتبة 400 مليار دولار أمريكي لأول مرة. كما عقدنا بنجاح الاجتماع الوزاري الثالث لـ"منتدى الصين ومجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي"، حيث توصلنا إلى التوافق الواسع النطاق حول تعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة والتعاون العملي في المجالات الرئيسية بين الجانبين في السنوات الثلاث المقبلة.

يقول المثل الأمريكي اللاتيني "الصديق الحقيقي يلمس قلبك ولو كان في طرف آخر للعالم". ستواصل الصين بذل جهود مشتركة مع الأصدقاء في دول أمريكا اللاتينية لتعميق الصداقة وتوسيع التعاون والعمل على إقامة المجتمع الصيني اللاتيني للمستقبل المشترك.

وكالة ANTARA الإندونيسية: كيف تقيمون العلاقات الصينية الإندونيسية في المستقبل؟ ستترأس إندونيسيا مجموعة العشرين هذا العام، كيف تدعم الصين إندونيسيا لإنجاح أعمالها الرئاسية؟

ج: إن كلا من الصين وإندونيسيا بلد نامي كبير وممثل للاقتصادات الناشئة، وتربطهما مصالح مشتركة واسعة النطاق وإمكانيات هائلة للتنمية. تحت القيادة الاستراتيجية لرئيسي البلدين، أصبحت العلاقات الصينية الإندونيسية في السنوات الأخيرة نموذجا للتعاون المتبادل المنفعة بين دول المنطقة، وقدوة لنهضة الدول النامية عبر التضامن.

كانت الصين أول دولة قدمت مساعدات من مستلزمات مكافحة الجائحة إلى إندونيسيا أثناء الجائحة، وأول دولة أجرت التعاون مع إندونيسيا في مجالي اللقاح وتطوير الأدوية الخاصة ضد فيروس كورونا المستجد. قد قدمت الصين 290 مليون جرعة من اللقاح إلى إندونيسيا حتى الآن، وهي أكبر دولة من حيث عدد اللقاحات المقدمة إلى إندونيسيا. شهدت مبادرة "الحزام والطريق" الصينية تواصلا معمقا مع مشروع "الممرات الاقتصادية الإقليمية المتكاملة" الإندونيسي، وازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين بمعدل قرابة 60% في العام الماضي. كما نجح الجانبان في إطلاق آلية التعاون والحوار الرفيع المستوى، مما شكل معادلة التعاون الثنائي الجديدة المدفوعة بـ"العجلات الأربع"، التي تشمل السياسة والاقتصاد والتواصل الإنساني والثقافي والتعاون على البحر.

في المرحلة القادمة، ستقوم الصين وإندونيسيا بتعميق التعاون في كافة مجريات إنتاج اللقاح، وتعملان على إنشاء مركز إقليمي لإنتاج اللقاح وتبذلان جهودا مشتركة لبناء درع الوقاية من الجائحة في المنطقة. وسندفع بإنجاز وتشغيل مشروع السكك الحديدية الفائقة السرعة بين جاكرتا وباندونغ في يوم مبكر، بما يسرع وتيرة التنمية في إندونيسيا في المرحلة ما بعد الجائحة وتعزيز التعاون المتبادل المنفعة بين الجانبين.

ستستضيف إندونيسيا قمة مجموعة العشرين في العام الجاري. تحرص الصين على تقديم دعم ومساعدة لتعزيز التعاون في مجالات الابتكار والرقم والخضرة والصحة وغيرها تحت العنوان الرئيسي للقمة "الانتعاش المشترك والانتعاش القوي"، وبذل جهود ملموسة لصيانة مصالح الأسواق الناشئة والدول النامية، بما يدفع مجموعة العشرين لتقديم مساهمات أكبر في انتعاش الاقتصاد العالمي واستكمال الحوكمة العالمية.

تشاينا ديلي: أطرح السؤال نيابة عن مستخدمي الإنترنت في العالم. سيعقد المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني خلال العام الجاري. في رأيكم، كيف تواصل الصين سرد قصص الحزب الشيوعي الصيني للعالم بصورة جيدة؟

ج: ينص الدستور الصيني بوضوح على مكانة الحزب الشيوعي الصيني باعتباره الحزب الحاكم، ويوضح أن قيادة الحزب الشيوعي الصيني تعد السمة الأكثر جوهرية للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وهي تعد أكبر ميزة للنظام الاشتراكي ذي الخصائص الصينية والضمان الأكثر أساسية لسيادة القانون الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. إن سرد قصص الحزب الشيوعي الصيني للعالم على نحو جيد وبناء سمعة الحزب وتكريسها ونشرها لأمر يعد واجبا مطلوبا ومسؤولية مهمة للدبلوماسية الصينية.

بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني في العام الماضي، أقمنا فعاليات مثل "سرد 100 قصة في غضون 100 يوم حول تواصل الحزب الشيوعي الصيني مع الخارج"، ودعوة الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين لدى الصين ووسائل الإعلام الدولية الرئيسية إلى زيارة مدينتي يانآن وجياشينغ وغيرهما من المواقع الثورية، كما أقامت البعثات الدبلوماسية الصينية في الخارج أكثر من 4000 فعالية متنوعة للاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، الأمر الذي لاقى إقبالا حارا من قبل الأصدقاء من مختلف الدول.

نشعر بعمق أن المجتمع الدولي يتابع الحزب الشيوعي الصيني الآن بشكل أكثر ويقدره بشكل أكثر. ويعرب عدد متزايد من الأصدقاء الأجانب عن إعجابهم إزاء الإنجازات العظيمة التي حققها الشعب الصيني بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، ويأمل عدد متزايد من الدول في معرفة المزيد من أسرار النجاح للحزب الشيوعي الصيني. وفي الشهر الماضي، قام الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز بزيارة معرض تاريخ الحزب الشيوعي الصيني خصيصا على هامش حضوره لمراسم الافتتاح لأولمبياد بيجينغ الشتوي في الصين، حيث تقدم بالاحترام والتقدير لكل ما قام به الشعب الصيني وما حققه من التنمية والتقدم. ولاحظنا أن المجتمع الدولي ينظر إلى الحزب الشيوعي الصيني بنظرة أكثر دقة ومن زوايا أكثر اتساعا، وبالتالي أصبحت له معرفة أعمق وأشمل للحزب الشيوعي الصيني. 

مثلما أشار إليه الأمين العام شي جينبينغ، "من أجل فهم الصين اليوم، لا بد فهم الحزب الشيوعي الصيني". في ضوء استقبال المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني في العام الجاري، سنواصل سرد قصص الحزب الشيوعي الصيني للمجتمع الدولي على نحو جيد ونساعد المزيد من الأصدقاء الأجانب على فهم الحزب الشيوعي الصيني بشكل حقيقي.


full text: https://www.fmprc.gov.cn/ara/zxxx/202203/P020220307772029815341.pdf

Suggest To A Friend
  Print